الدوالي على الفحم.. أسرار "الطبخة" لدى السبعينية "أم حسن"


في حارة الشيخ التاريخية بالبلدة القديمة في الخليل، تجلس أم حسن القواسمي (76 عاما)، ومن حولها كنائنها الأربع (زوجات أبنائها)، وقد بدأن لف ورق الدوالي (ورق العنب)، ذاك الطبق الشعبي الذي لا ينقطع عن المائدة الفلسطينية طوال العام.

إحدى "الكنائن" تغلي ورق الدوالي قليلا، قبل حشوه، وقد بدأت بفرده وتجهيزه، وأخرى تتبل الأرز مع اللحم والبقدونس المفروم، والثالثة تشعل موقد الحطب، "فهذه الطبخة بالذات تتجلى نكهتها عندما تطبخ على الحطب"، والرابعة تتجهز لبدء عملية اللف المرهقة.

تقول أم حسن"لا يوجد بيت خليلي يستغني عن طبخة ورق الدوالي، فهي طبخة اللمة (أي الجَّمْعة)، تتعاون النسوة في تجهيزها، فكل واحدة منهن تؤدي مهمة، وأكثر شيء يحتاج للمساعدة؛ عملية لف ورق الدوالي وحشوه بالأرز واللحم ورقة ورقة".

وتسهب السبعينية في شرحها: "ليس كل ورق دوالي ينفع للف والطبخ، فأجوده ورق العنب الأسمر، لأنه ورق ناعم غير خشن، وينضج على النار بدون تعب، إضافة إلى نضارته وطعمه ونكهته المميزة، أما بقية أنواع الورق التي تقطف من العنب الأبيض، فإنها جيدة، لكن نكهتها في الطبخ ليست مميزة، وتمكث على النار وقتا أكبر".

ويطبخ الخليليون ورق الدوالي طيلة العام وعلى مدار الفصول الأربعة، مع أنه يقطف في بداية شهر نيسان، وخاصة في المناطق الحارة، وفي شهر أيار في حقول محافظة الخليل، وتنتهي عملية قطافه نهاية شهر آب، إذ لا يصلح بعد ذلك للطبخ، فالمياه تكون قد تبخرت منه بفعل الشمس والحرارة.

كيفية حفظ الدوالي
ولكن كيف يطبخ الخليليون ورق الدوالي طوال العالم؟.. يقول العطار الحاج عبد المعطي السعيد: "الطلبات على عبوات ورق الدوالي لا تنتهي، فالمواطنون يطلبونها في غير موسم العنب، يشترون كميات كثيرة من ورق الدوالي المكبوس داخل العبوات البلاستيكية، كي يطبخونها ويقيمون عليها الولائم للأحباب والأصدقاء، بل ويرسلونها لأبنائهم وبناتهم المغتربين في الخليج وتركيا وأوروبا".

"ويحفظ الدوالي بالعبوات البلاستيكية أو الزجاجية (محكمة الإغلاق) بطريقة تراثية، يخزن داخلها ورق الدوالي الأخضر، بعد أن يخلط بالملح والليمون، والبعض الآخر يضعها داخل القوارير بعد تفريغها من الهواء، فتبقى صالحة للاستعمال لأكثر من عام، والبعض يجففها فيشكل منها قلائد ينقعها بالماء عند طبخها"، يشرح العطار السعيد، طريقة حفظ الدوالي.

دوالي على الفحم
وعن عملية طبخ ورق الدوالي، تعود أم حسن القواسمي، لتقول لنا: "يطبخ ورق الدوالي مع لحم القص الدسم أو الدجاج، وتضعه النساء في أسفل الطنجرة أو القدر، ويبدأن بصف حبات ورق الدوالي فوقه، الواحدة بجوار الأخرى، فيما توضع حبات الكوسا في الوسط (لمن يرغب بإضافتها)، ويسكب رب البندورة المذاب بالماء فوق هذه المكونات، ثم توضع الطنجرة على موقد النار أو الفحم، مدة ساعة ونصف إلى ساعتين".

ويعدّ ورق الدوالي من المواد الإنتاجية التي يتاجر بها الخليليون في موسم العنب، ويباع الأطنان منه في كل موسم، بل تعدّ بضاعة نادرة الوجود لكثرة الطلب عليها، كما يصدرها تجار الخليل إلى خارج الأراضي الفلسطينية، فتدر لهم دخلا محترما.
تاريخ الاضافة: 23-10-2017
طباعة