أم العز .. مسنة فلسطينية توزعت آلامها بين فلسطين وليبيا


أم العز .. مسنة فلسطينية توزعت آلامها بين فلسطين وليبيا

غزّة - فلسطين الآن
لم يدر بخلد الحاجة "أم العز" وهي مسنة فلسطينية، أن يخبئ لها القدر أياما عصيبة ووحشة كبيرة بعدما غادرت ليبيا قبيل اندلاع الثورة الليبية في السابع عشر من فبراير/شباط الماضي حيث تركت أهلها في مدينة البيضاء متوجهة إلى مصر لزيارة أبنائها في فلسطين المحتلة .
انتقلت "أم العز" عبر معبر السلوم على الحدود المصرية الليبية وهي تودع ليبيا الى ان وصلت جمهورية مصر العربية لتفاجئ باندلاع الثورة المصرية في 25 يناير ، ومن ثم وصلت الى معبر رفح البري ، والذي أعادت السلطات المصرية افتتاحه عقب الثورة في مصر بتاريخ 20 يناير الماضي
وما إن وصلت إلى غزة حتى عانقت أولادها الاثنين "محمد وحنان"، وضمتهما إلى أحضانهما بعد غياب استمر 16 عاما لم تر فيها الأم أولادها وفي مشهد مؤثر ومحزن سقطت الدموع والعبرات، وامتزجت الآهات والآلام المشتعلة في النفوس منذ زمن بعيد.
وفي ظل هذه الأجواء الإنسانية التي تمر بها هذه الأم الحزينة قالت والدمع يترقرق من عينيها وصلت إلى هنا بعد عناء سفر طويل تركت باقي أفراد أسرتي هناك في مدينة البيضاء في ليبيا حيث نقيم هناك من قبل عام 1967 بعدما شردتنا قوات الاحتلال من أرضنا وأتيت الآن لأرى أولادي هنا المقيمين في غزة منذ 16 عاما.
وتكمل الأم المكلومة قصتها : " بدأت أتابع أخبار الثورة الليبية التي اندلعت في ليبيا وقلبي يأكلني على أولادي وأسرتي ولا أستطيع أن أنام واتصل بهم من حين إلى آخر للاطمئنان عليهم ولكن الخوف هو سيد الموقف وينقطع الاتصال معهما من حين إلى آخر".
وتتابع بصوت خفيض: " اشعر بالألم الشديد لمغادرتي ليبيا التي قضينا فيها أجمل أيام العمر أنا وأولادي، وأخشى من الفتنة والمؤامرة وأدعو الله أن يحفظ ليبيا دولة وشعبا، وان يجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن، لأنني أحبها كبلدي فلسطين ، وهي لا تنفك عني ، ففيها كل الذكريات ، ولا زلت أخشى على أولادي من البطش والتنكيل الذي نسمع عنه ، وأقضى ساعات النهار والليل أمام شاشات التلفاز لمطالعة الأخبار".
تقول "أم العز" :" ازدادت معاناتي هنا في فلسطين ضعفين ، فعيني الآن على أولادي في ليبيا ، وانشطر قلبي نصفين على أولادي الاثنين "محمد وحنان"، فلقد أصيبت ابنتي حنان 40 عاما بابتلاء عظيم ، حيث استشهد زوجها الشهيد سمير حيث اغتالته قوات الاحتلال مع مجموعة من رفاقه على الشريط الحدودي عام 2001م في بداية انتفاضة الأقصى المباركة ، وعاشت مع أطفالها الستة في بيتها في غزة تربي أولادها إلى أن أصابها مرض السرطان منذ عام، وهي الآن تعيش بين الحياة والموت في مستشفى "ايخلوف" داخل الأراضي المحتلة عام 1948، بعد تدهور صحتها ووصولها إلى حد الاحتضار " .
وتواصل "أم العز" وهي تبكى بكاءً مريرا، وعبثا حاولت تهدئة روعها:" ليت الأمر اقتصر على ذلك فبينما خرجت بنتي المريضة حنان في سيارة الإسعاف ومعها أخيها محمد (37عاما ) قبل اسبوعين، وهو يرافقها للسفر للعلاج في إحدى المستشفيات الإسرائيلية بعد الحصول على التصاريح اللازمة ، وبينما يمران عبر معبر (إيرز) بيت حانون حتى تم اعتقال ابني "محمد" من قبل الاحتلال الإسرائيلي ، واقتاده جنود الاحتلال إلى مكان مجهول للتحقيق معه، وما إن وصلني الخبر حتى أصبت بصدمة كبيرة ووقعت على الأرض وأغشي علي مرارا".
وتابعت :" إنني لا أدري ماذا أفعل ؟ ، فقدت زوج ابنتي شهيدا ، وها أنا افقد ابنتي شهيدة المرض والحصار ، وهى الآن تعيش بين الحياة والموت وأدعو لها دائما بالشفاء العاجل لكي تعود لأطفالها سالمة بإذن الله ، وها أنا ذا أفقد ابني "محمد" أسيرا في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، ولا أدري ماذا حل الآن بأهلي أولادي وأسرتي الذين تركتهم خلفي في مدينة البيضاء في ليبيا".
وتواصل :" توجهت في اليوم التالي للصليب الأحمر بغزة لأسال عن ابني الأسير فأخبروني أن قوات الاحتلال حولته إلى سجن عسقلان ، ولا أدري ماذا فعل ابني ليعتقل ويوجه له تهمة مقاومة المحتل ، والآن المصيبة الكبرى أن ابنتي "حنان" تريد زرع نخاع ، وتطابقت تحاليل ابني "محمد" مع تحاليلها الطبية ، والاحتلال يمنع الإفراج عنه ليتمكن من استكمال الفحوصات اللازمة لا جراء عملية جراحية لإنقاذ أخته".
تركت الحاجة "أم العز" تلملم جراحها وتستعد قوتها ولسان حالها يقول سأبقى صامدة في أرضي برغم الأحزان .

تاريخ الاضافة: 05-03-2011
طباعة