« في الذكرى الثانية لعدوان غزّة:معـركـة الفـرقـان 22 يوماً من النار والمجازر والمقاومة »








في ليلة ظلماء، أعدّ المحتل العدّة ووضع الخطط الماكرة لاستباحة الحرمات وتدنيس المقدسات، فشنّ عدواناً غاشماً بمختلف أشكاله وأنواعه على قطاع غزّة الصامد طال المدنيين العزّل، ولم يسلم منه الحجر والبشر. وبعد مرورِ عامين على هذه الحرب الغاشمة ما زالت هناك شواهد على ما قامت به آلة الإرهاب الصهيوني، سيسطرها التاريخ بماء الدم القاني.
أولاً: على صعيد المجازر الإجرامية
بعد عدوانٍ غاشمٍ استمر 22 يوماً متواصلاً، شنته قوات الاحتلال براً وجواً وبحراً، استخدمت فيه شتى أنواع الأسلحة، ومنها المحرمة دوليّاً (الفوسفور الأبيض)، وراح ضحيّته 1410 شهداء و5300 جريح من بينهم 400 بحال الخطر. وقد تسبب العدوان باستشهاد أكثر من 230 شرطياً على رأسهم قائدهم اللواء توفيق جبر.
كما نال رجال الدفاع المدني من الاعتداء البربري نصيباً، حيث استشهد منهم 11 شهيداّ وجرح 20 آخرون، فيما تمكنت رغم استهدافها من تنفيذ 1280 مهمة إنقاذ. ومن أبرز العائلات التي نكلت بها قوّات الاحتلال هي عائلة السمّوني، التي استشهد منها قرابة 100 فرد.
ثانيّاً: على صعيد الخسائر في البنى
دمر الاحتلال أكثر من 22 ألف مبنى، منها 4 آلاف مدمّر تدميراً كلياً، و18 ألف مدمّر تدميراً جزئياً. ولم تسلم دور العبادة كذلك من العداون الهمجي، فقد دمّرت الغارات 41 مسجداً بشكلٍ كليٍّ و51 مسجداً بشكلٍ جزئي. كذلك استهدف العدوان عشرات المباني الحكومية والجامعات والمرافق الحيوية.
وحُرمت معظم المناطق التي استهدفها العدوان من الكهرباء، ما سبب توقُّف المستشفيات عن العمل بسبب نقص الوقود لتشغيل المولدات، وتوقُّف العديد من آبار المياه ومضخّات الصرف الصحي عن خدمة أهالي القطاع.
غير أن الذي زاد الطين بلّة، قصف قوات الاحتلال لمخازن الأنروا التي يعتمد معظم أهالي القطاع عليها بنسبة 80%. كما أدى العدوان إلى توقفٍ شامل في الحركة الاقتصاديّة في القطاع، وخسائر كبيرة على جميع القطاعات العامّة والخاصّة.
ثالثاً: على صعيد المقاومة الباسلة
لقد استطاعت صواريخ المقاومة أن تزرع الرعب وتنشره في المغتصبات الصهيونيّة المحاذيّة للقطاع. وتمكن بعض رجال المقاومة البواسل بأسلحتهم البسيطة من الانقضاض على بعض دبابات الميركافا والجرافات الضّخمة، وتدميرها عن قرب، بل لقد اعتلى بعض المقاومين هذه الدبابات..
رابعاً: على صعيد القادة الشهداء
قدّمت المقاومة قادتها قبل جنودها، الذين ما انفكوا يتابعون المهام الموكلة إليّهم طيلةَ فترة الاعتداء. ليتركوا لمن خلفهم دروساً قيّمةً في القيادة وحمل الأمانة في تمثيل الشعب، والسهر على احتياجاته وأموره. ومنهم عالم الحديث الدكتور نزار ريّان، الذي كنّى نفسه بالعسقلاني النعلواني الفلسطيني، وعاش حياته كلها طالباً للشهادة، وهو الذي قدّم نجله البكر شهيداً في إحدى العمليّات الاستشهاديّة على مغتصبة إيلي سناي قبل سنوات، وها هو ينالها ومعه 13 فرداً من عائلته.
والوزير سعيد صيام الذي أمضى 50 عاماً من سني حياته الممزوجة بحب الوطن فلسطين، وعشق ترابها حرّاً عزيزاً. سنوات مرّت وتنوّعت فيها جوانب الحياة الشريفة الصادقة، ما بين السياسيّة التي كانت مفصليّةً في تاريخ القضيّة المشرف، وعسكريّة بيعت فيها النّفس لله تعالى فكان الجزاء الجنّة.
..وانتصرت غزّة
بعد مرور 22 يوماً، من حرب ضروس من قبل الاحتلال على قطاع غزّة الصامد لم يستطع أن يحقق أهدافه التي رددها فترة الحرب، وهي إطلاق سراح شاليط، وتسليم المقاومة سلاحها، والاعتراف بدولة الاحتلال «إسرائيل».
ولكن غزة صمدت وقاومت وصدت العدوان وانتصرت.
نعم انتصرت غزّة بفضل الله تعالى ومعيّته للمجاهدين المرابطين الذين كانوا يرددون قول الله تعالى في سورة آل عمران }آلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ 17{..
وبالمقاومة الباسلة، التي تصدّت للعدوان وردته خائباً بعد أن استطاعت أن تزرع الرعب وتنشره في المغتصبات الصهيونيّة..
وبصمود أهلها، والتفافهم حول المقاومة الممثل الشرعي والوحيد لهم، والتي لم ترفع الراية البيضاء، بل ظلّت على العهد والوفاء لله تعالى، والوطن الغالي فلسطين.
وبقادتها، الذين ما انفكوا يتابعون المهام الموكلة إليهم طيلة فترة الاعتداء، ليتركوا لمن خلفهم دروساً في القيادة وحمل الأمانة في تمثيل الشعب، حتى تقدم الركبَ منهم شهداء كبار على نهج الروّاد المؤسسين.
وبتضامن الشعوب العربيّة والإسلاميّة، التي ما كلّت تُسيّر المظاهرات وتنظم الاعتصامات مطالبةً العالم كله بنصرة غزّة، ومحاكمة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدوليّة لارتكابه مجازر ضدّ الإنسانيّة.
وأهلها المقاومين وتضحياتهم من الشهداء والجرحى، وانتصرت غزّة باحتضان أمّتها لها، وانتصرت غزّة قبل كل ذلك بفضل الله تعالى وكرمه.



» تاريخ النشر: 27-12-2010
» تاريخ الحفظ:
» رابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان
.:: http://palteachers.com/ ::.