إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
تشدد الروايات الإسرائيلية المتعلقة باحتلال صفورية على شهرتها بمقاومة القوات الصهيونية. وجاء أول ذكر لهجوم على صفورية في صحيفة (نيويورك تايمز), إذا أوردت بلاغا أصدره سلاح الجو الإسرائيلي يزعم فيه أن إصابات مباشرة سجلت في القرية يوم 30 أيار (مايو) 1948. وقد احتلت بعد أسبوعين من ذلك التاريخ تمهيدا للهجوم على الناصرة, في سياق عملية ديكل ( أنظر عمقا, قضاء عكا), على يد كتيبة مدرعة من اللواء شيفع ( السابع) كتيبتي مشاة من لواء كرملي. ويذكر ( تاريخ حرب الاستقلال) أن القوة المختلطة انطلقت مساء 15 تموز يوليو 1948 إلى مهمتها و( وصلت الى ضواحي تسيبوري ـ صفورية ـ بعد أن قطعت في تلك الليلة مسافة 15 كلم تقريبا داخل منطقة العدو. وعلى الفور نظمت صفوفها لشن الهجوم... كان عرب صفورية معروفين دائما في الجليل بأنهم محاربون أشداء, لكن القرية سقطت من دون قتال تقريبا من جراء هول المفاجأة). وقد أنجز الاستيلاء على القرية عند الفجر. إلا إن المؤرخ الإسرائيلي بن موريس يشير الى أن القرية ( قاومت تقدم الجيش الإسرائيلي مقاومة شديدة), ولذلك سويت القرية بالأرض وطرد سكانها. وهو يذكر أيضا أن القرية (كانت تساند بقوة جنود القاوقجي) [أي جيش الإنقاذ العربي], وكان لها تاريخ حافل بالسلوك المناوئ للييشوف ( 1936- 1939).
روى سكان صفورية, لاحقا الحوادث بصورة لا تطابق تمام المطابقة أية من الروايتين الإسرائيليتين. فقد خبروا المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال أن ثلاث طائرات إسرائيلية قصفت القرية ليل 15 تموز (يوليو), ملقية (براميل مشحونة بالمتفجرات والشظايا المعدنية والمسامير والزجاج). وقد قتلت القنابل نفرا من سكان القرية وجرحت عدداً أخر, وهرب كثيرون غيرهم الى البساتين طلبا للامان. وصمد المجاهدون وقاتلوا كيفما اتفق. وقاتل كل منا بمفرده ودفاعا عن نفسه. ولم يكن تنظيم ... وقاتل كل منا بمفرده ودفاعا عن نفسه. ولم يكن ثمة أي اتصال أو تنسيق بيننا). وقد انتهت المعركة سريعا.
وعند الصباح, قرر كثيرون من الذين اختبأوا في البساتين أن يغادروا صوب الشمال, أو صوب الشرق.
وروى سكان القرية أن نفرا قليلا مكث فيها, وان أفرادا قليلين فحسب استطاعوا أن يعودوا الى القرية لأخذ متاعهم. لكن المصادر الإسرائيلية تذهب الى غير ذلك فمثلا, يقول موريس إن الذين مكثوا طردوا في أيلول سبتمبر 1948, و( تسلل مئات منهم عائدين) في الأشهر اللاحقة, بحيث أن (السلطات اليهودية خشيت أن يؤدي بقاء المتسللين في مواضعهم الى أن يرجع عدد سكان القرية الى ما كان عليه قبل الحرب, أي يرجع عدد سكان القرية الى ما كان عليه قبل الحرب, أي الى 400 نسمة. يضاف الى ذلك إن المتسعمرات اليهودية المجاورة لصفورية كانت تطمح في أراضي صفورية). وفي تشرين الثاني نوفمبر 1948, صرح احد كبار المسؤولين عن الاستيطان قائلاً: ( ثمة في جوار الناصرة قرية... تحتاج مستعمراتنا إلى أرضيها البعيدة. ربما في الامكان إعطاؤهم مكانا آخر). لذلك كما يقول موريس, وضع السكان بشاحنات في كانون الثاني (يناير) 1949, وطردوا ثانية الى قرى عيلوط والرينة وكفر كنا. وفي بداية شباط فبراير, منح بعض أراضي القرية لكيبوتس هسوليليم. ويقول موريس إن مستعمرتي سدي ناحوم وحفتسية آ؟ باه(190213) حصلتا أيضا على أجزاء من أراضي القرية.
القرية اليوم
لم يبق إلا بضعة منازل في الموقع, منها منزل عبد المجيد سليمان ومنزل علي موجودة. أما باقي الموقع فتغطيه غابة صنوبر غرسها الصندوق القومي اليهودي إحياء لذكرى بعض الأشخاص والمناسبات ( كيوم استقلال غواتيمالا). ولا تزال قلعة ظاهر العمر ماثلة على قمة التل, وإن يكن بعض حيطانها قد تداعى, وهي محاطة بمواقع الجانب الشمالي من القرية, ويستعمل دارا للأيتام الفلسطينيين. وثمة أيضا كنيسة للروم الأرثوذكس. و على الطريق الجنوبية, المفضية إلى القرية, ثمة كنيس لليهود كان مقاما للمسلمين فيما مضى, وبالقرب منه مقبرة إسرائيلية حديثة العهد.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
أسست مستعمرة تسيبوري ( 176239) الزراعية التي تبعد 3 كلم إلى الجنوب الشرقي من موقع القرية, على أراضي القرية في سنة 1949. كذلك تقع مستعمرة هسوليليم ( 172239), التي أسست في سنة 1949 أيضا, أيضا على أراضي القرية, الى الغرب من موقعها. وفي زمن أحدث عهدا أنشئت ثلاث مستعمرات على أراضي القرية: ألون هغليل ( 170240) في سنة 1980, هوشعيا ( 178240) في سنة 1981, حنتون ( 173243) شمالي غربي موقع القرية, في سنة 1984.