من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، إلى برشلونة كانت وجهة عمر (13 عاماً)، ليشارك في دورة دولية وديّةٍ أقيمت في برشلونة الإسبانية بين نحو 7 فرق من دول أوروبية مختلفة، ليتوَّج خلالها أفضل حارس مرمى عن فئته العمريّة، من بين جميع الفرق المشاركة.
برشلونة تحتضن ابن مخيم شاتيلا
عمر محمد إبن مخيم شاتيلا، يعيش في مخيمٍ يفتقر إلى أساسيات الحياة كغيره من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث المعاناة قد أرخت جدائلها فيها منذ وجودها.. تحدّى عمر كل تلك الأوضاع المزرية، كما تحدى فكرة أنّ الفلسطينيّ في المخيم ليس لديه وقتٌ ليبدع أو يعيش كغيره من الناس، لأنّه مشغولٌ بتأمين لقمة عيشه وعيش أبنائه!
لكنّ عمر برهن لهم كم هم مخطئون في حكمهم ذلك على الفلسطينيّ، فقد خرج عمر في خطوةٍ تشهد له بالنجوميّة إلى ملاعبٍ تحترف النجومية، مجهّزةً بأفضل الإمكانيات عكس ما يجده عمر في مخيّمه، أو في تلك الملاعب البسيطة التي يتدرّب فيها مع فريقه في نادي شباب فلسطين..
ففي ذلك الملعب البعيد عن مخيم شاتيلا، كان عمر يتدرب بين اقرانه، وقفت قرب خط الملعب، وسألته عن حلمه، فقال وفي عينيه الصغيرتين ثقة كبيرة لا حدود لها، «حلمي إنو أصير لاعب مشهور أرفع راس بلدي بكل مكان، وأمثلها بالمحافل الرياضية العالمية... ورغم إنو نحن الفلسطينية ممنوعين إنو ندخل بفرق رياضية لبنانية إلّا إني خطيت خطوتي الأولى بنجاح، وبتمنى أن أشارك بيوم من الأيام بفريق بلدي فلسطين، ونلعب ضد أفضل الفرق العالمية» هذا ما قاله عمر عن مستقبله الرياضي وحلمه الذي يسعى جاهداً لتحقيقه بكافّة الوسائل الممكنة، في بلدٍ يُمنع الفلسطينيّ حتى من دخول فرقٍ رياضيّة يشاركها موهبته، أثمن ما يملكه طفل مثله!
حلمٌ قيد التشكّل
مدير نادي شباب فلسطين مجدي مجذوب يقول في هذا السياق لشبكة العودة الإخبارية «عمر منذ سنتين انضمّ إلى فريقنا، بعد أن كان لاعباً في نادي الكرمل في مخيم شاتيلا، فوجدنا لديه الموهبة الكاملة، وقمنا بتقديمه إلى صديقنا اللاعب العالمي ديفيد ناكيد، الذي كان قائد فريق الأنصار اللبناني عام 1995، ولعب في أكثر من فريق في سويسرا واليونان وغيرها.. وعندما رأى ناكيد عمر ووجد لديه الموهبة تبناه وتعهد بتدريبه ودبّر له فرصة السفر إلى برشلونة».
والتحق عمر بأكاديمية ديفيد نيكيد الرياضية في بيروت، وهناك تلقى التدريب بجدٍ، حيث كان لها فضلٌ كبير في صقل موهبته وتدريبه، والأخذ بيده الصغيرة لتلامس عالماً كان يرمقه في حلمه منذ صغره.
وطالب مجدي، عبر شبكتنا، المنظمات الفلسطينية أن تنظر إلى النادي وإلى مثل هؤلاء الأطفال المبدعين نظرة أملٍ وترأف بأحلامهم، خاصّةً مع ضعف التمويل والإمكانيات المادية لديهم.
هي أحلامٌ كسرت جدران المخيم بقوة لتغرّد خارج السّرب في سماءٍ أخرى غير التي ألفتها منذ الصّغر.. أحلامٌ تحظى بدعم الأهل رغم الأوضاع المعيشية الصعبة، وتحظى بدعم شخصياتٍ كبيرةٍ تليق بحجم تلك الأحلام والأمل الذي تحويه في شغافها.. وفي هذا الناحية يقول وليد محمد والد عمر لشبكتنا «أنا أدعم ابني عمر منذ صغره وأطمح أن ينضم في المستقبل إلى فرقٍ عالمية ويتألق من خلالها، لأنه هنا في لبنان لا مستقبل للفلسطينيّ، خاصّةً في هذا المجال الرياضي»، مضيفاً أنّ الفلسطينيّ في لبنان إضافةً إلى أنه مظلوم من قبل السلطات اللبنانية، فهو أيضاً مظلوم من قبل السلطة الفلسطينية التي لا تهتمّ لأمور لاجئي الشتات، قائلاً بأسى «أنا ما في غير الهوية الفلسطينية بتثبت إني فلسطيني لإنو ما حدا بيطلع فينا»...
ماذا يضرّ لو سنح لـعمر إبن مخيم شاتيلا أن يعيش في مخيمه حياةً كريمة.. أن ينضمّ إلى فريق لبنانيّ يتأهّل معه ويشاركه الفوز، أن تُصرف عليه وعلى المئات من المبدعين من أمثاله بعض من أموال المنظمات الفلسطينية لصناعة أجيالٍ متألّقة لا تندثر أحلامها ويخبو إبداعها داخل أسوار المخيمات؟!
المصدر: شبكة العودة الإخبارية
.jpg)
