.

عرض مقابلة :الأديب عادل السّالم

  الصفحة الرئيسية » ركن المقابلات

الأديب عادل السّالم




أجرى اللقاء: وحيد تاجا
قال الأديب عادل سالم إن "أدب السجون" مازال يعاني من الشخصنة ومدح الذات، حيث يحاول فيه كل كاتب أن يروّج لسياسة حزبه، أو يمجّد بدوره، يركز فيها على الدور النموذجي للأسير بأنه السوبر مان البطل القاهر، دون الغوص عميقا في أعماقه الإنسانية. 
وأضاف في لقاء مع "مؤسسة فلسطين للثقافة" نحن كحركة ثقافية فلسطينية مازلنا مقصّرين بهذه الناحية ولم نعط الاهتمام المطلوب لتوثيق أدب المقاومة الفلسطيني وتقديمه لأجيالنا القادمة كما يليق به .. كلنا مقصرون، وعن دقة رصده للأوضاع الإنسانية في روايته "عناق الأصابع" قال: "عبّرت الرواية عن الواقع المؤلم للأسف، فهناك آلاف المناضلين وليس قلة فقط تخلوا عن شعاراتهم بعد اتفاق أوسلو وتحولوا إلى مجرد موظفين ينتظرون راتب آخر الشهر.. وأضاف: والأكثر أسفا أن بعضهم أصبحوا موظفين في أجهزة الأمن الفلسطينية وأوكلت لهم مهمات اعتقال المقاومين، أو المعارضين، والتحقيق معهم، وضربهم بعد أن كانوا يوما يقتسمون معهم قيد الأسر.

ويذكر أن الأديب عادل سالم مواليد 1957، البلدة القديمة في القدس –حي (القرمي) الكائن ما بين المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. ورئيس تحرير "ديوان العرب". مقيم حالياً في الولايات المتحدة.

اعتقل عدة مرات من قبل السلطات الإسرائيلية، وساهم مع كتاب آخرين في تطوير الحركة الثقافية في السجن، حيث شارك في تحرير بعض المجلات الاعتقالية المنسوخة باليد.

صدر للكاتب: عاشق الأرض (شعر) نداء من وراء القضبان (شعر) لعيون الكرت الأخضر (قصص) عاشق على أسوار القدس (رواية) عناق الأصابع (رواية) قبلة الوداع الأخير (رواية).
فضلا عن دراسة توثيقية بعنوان ( أسرانا خلف القضبان).

* هل يمكن إعطاؤنا لمحة عن البدايات.. من الذي أخذك إلى الكتابة، ومن أغراك بها؟.
** منذ صغري انجذبت نحو الشعر خصوصا عندما قدم لي والدي رحمه الله، وكان عمري ثلاث عشرة سنة أو أقل ديوان شعر للشاعر عمر الخيام كان قد استعاره من صديقه الأستاذ سعيد السلايمة في القدس المحتلة وطلب مني أن أنسخه له كاملا لأنه لم يعثر على نسخة من الديوان في مكتبات القدس ليشتريها فقمت مرغما بنسخه من الغلاف إلى الغلاف. ومن هناك بدأت رحلتي مع الكتابة. كنت أكتب الشعر، والمقالات الصحفية حتى عام ٢٠٠٤ عندما نصحني الدكتور أحمد زياد محبك مدرس الأدب العربي في جامعة حلب في سوريا الشقيقة أن أتوجه للسرد، لأنني سأبدع فيه أكثر من الشعر فاستجبت لنصيحته وخضت منذ ذلك الوقت معترك الإبداع القصصي والروائي.

* ما الذي كنت تبحث عنه في انتقالك من الشعر الى الرواية.. وهل حققت لك الرواية ما لم يحققه لك الشعر..؟
** الانتقال من الشعر إلى السرد انتقال إلى شكل جديد من الإبداع الأدبي كي أوصل للقارئ العربي ما لم أستطع أن أنقله له بواسطة الشعر، فعالم السرد عالم أرحب، وأكثر تأثيرا لأنه يقدم للقارئ مجتمعا كاملا بشخصياته، ومشاكله، وأحزانه، وأفراحه. بالإبداع السردي أو الروائي نستطيع أن نقدم ما لا يمكن أن نقدمه بالشعر، فكل نوع من أنواع الإبداع الأدبي، أو الفني له وظيفته، وتأثيره، وطريقة مخاطبته لعقل الإنسان، ومشاعره.

* إلى أي مدى كانت السيرة الذاتية حاضرة في روايتيك (عناق الأصابع) أو (عاشق على أسوار القدس) أو حتى في قصصك القصيرة.. وهي ظاهرة ملفتة، لا سيما في الأعوام الأخيرة، حيث أن معظم الروائيين يستلهمون من سيرتهم الذاتية.. لماذا..؟
** (عناق الأصابع) كانت تجربة الحركة الأسيرة الفلسطينية ولم تكن سيرة ذاتية، وشخصيات تلك الرواية معظمهم شخصيات واقعية مازال بعضهم حيا يرزق، أردت فيها أن أنمي عنصر العمل الجماعي، والكفاح الوطني لا تمجيد الفرد أو الذات لذلك من يقرأ تلك الرواية سيجد أنها لا تركز على بطل محدد، وشخصية الرواية الرئيسية علي النجار ليس إلا رمزا لكل أسير عانى من قيد السجان.

بقية قصصي أو رواياتي هم أشخاص من لحم ودم، وأنا أنقل قصصا عشتها، سمعتها، عرفت أبطالها، وليس فقط سيرة شخصية أحاول أن أحييها. شخصية سرحان الخطيب في رواية (عاشق على أسوار القدس) تمثل كل مقدسي مغترب جردته سلطات الاحتلال من حقه في العودة، والعيش في المدينة التي ولد فيها، ولست إلا واحدا منهم، شخصية علي النجار لا تمثلني شخصيا وإن كنت أحلم أن أكون بصلابته.
* لعل أول ما يستوقف القارئ لروايتك (عاشق على أسوار القدس) هو ذلك "العشق الصوفي" الذي يربطك بالمدينة المقدسة، حتى بدا وكأنك تحاول التأريخ للمدينة وأزقّتها وحاراتها.. وحتى علاقات أهلها الاجتماعية.. ما سر هذه العلاقة مع القدس بالذات..؟

** القدس مهد الطفولة والشباب، فيها ولدت وترعرعت وكونت ثقافتي، وشخصيتي، في حاراتها عرفت قيمة الوطن، في مدارسها كونت أول وأجمل صداقاتي، وفي شوارعها شيعت بعض شهدائها مثل محمود الكرد، وعبد الله الحواس، وآخرين. وفيها اعتقلت، وواجهت مع أبناء جيلي عنف الاحتلال، واضطهاد جنوده، فكان لا بد والحال هذه أن تكون المكان الأكثر قدسية لي. وقد شكلت الغربة عن الوطن شعورا بالتقصير تجاه المدينة التي أحببت فحاولت أن أعوض هذا التقصير وأقدم للقدس بعض واجبي تجاهها.

* جاء طرحك لموضوع العودة إشكاليا في هذه الرواية من خلال عودة المحامي سرحان خ. من أمريكا إلى القدس بعد 25 عاما.. طلبا لتوازن نفسي داخلي، لكنه بعد معاناة مع الواقع الجديد قتل على أسوار القدس... ما هي المقولة التي أردت إيصالها للقارئ من خلال هذه النهاية..؟
** سرحان الخطيب قتله المحتلون لأنهم يريدون تفريغ القدس من سكانها الشرعيين بكافة الوسائل، وهو يمثل حالة وليس فردا، فالعشاق الحقيقيون للوطن قدموا أرواحهم في سبيل أوطانهم، ولا غرابة في ذلك، فقد قتلوا قبله محمود الكرد، وعبد الله الحواس، وعمر القاسم وغيرهم الكثير.

* ولكن هذه النهاية لسرحان ومقتله على يد الاحتلال.. كيف تنظر لانعكاسها على الأشخاص الذين يفكرون بالعودة إلى القدس من أمريكا أو غيرها.. فهو ليس قيس بن الملوح كما أنه ليس القسام أو أبو جهاد، أو الشيخ أحمد ياسين..؟
** كل الأشخاص المقدسيين المغتربين عن الوطن أصبحوا يدركون أن العودة ليست نزهة وليست سهلة وهي تحتاج لصبر، ومثابرة وتضحية، وعزيمة لا تقهر، وهناك كثيرون رجعوا وعانوا وصبروا وما زالوا دون وثائق رسمية تسمح لهم بالتنقل، في حين نجح آخرون في انتزاع حقوقهم، وفشل آخرون وعادوا إلى الغربة من جديد. موت سرحان الخطيب حسب وجهة نظري ليس هزيمة بقدر ما هو انتصار من نوع جديد، انتصار حالة الوطن على حالة الغربة، وتأكيد للاحتلال أن الفلسطيني يفضل الشهادة على الطرد عن وطنه.

* بالتالي ما هو المطلوب من الرواية أساساً.. تشخيص الواقع وطرح الأسئلة.. أم إيجاد الحلول..؟
** عندما تقدم الرواية حلولا واضحة المعالم فهي تريح القارئ من التفكير وتعلمه دوما أن يجد كل شيء جاهزا، فشعوبنا العربية تعودت على أن يأتي الفدائي ليخلصها من مشاكلها، ولذا ترى الملايين في الصفحات الاجتماعية تنتظر صلاح الدين ليحرر لها القدس، وفي البلاد العربية كمصر يستنجدون بالجيش وآخرون ينتظرون المهدي وهلمجرا، على القارئ أن يعي أن زمن الاعتماد على الأفراد انتهى، وأن عليه واجب المشاركة مع ملايين غيره ليبني وطنه الجديد، عليه أن يفكر، أن يستنبط بديلا لما هو فيه، الرواية باستشهاد بطلها تطرح على المواطن المقدسي سؤالا: لماذا استشهد سرحان؟ لماذا حصل هذا؟ ما المطلوب؟ كيف نواجه الاحتلال؟ ما دورنا؟ أين الخلل؟ من المسؤول؟ والجواب يجب أن يكون لدى القارئ نفسه.

* أيضا، رسمت صورة واضحة لذلك الصدام الحاصل بين ثقافتين متضادتين تتصادمان في القدس بأشكال متباينة؛ الصمود والانتماء والاستعداد للتضحية بكل شيء في جانب، والتماثل السلبي مع الواقع الجديد بما يعنيه من تخل عن قيم المقاومة حتى السلمية منها..؟

** نعم هذه هي القدس اليوم تعيش حالة من الإحباط، حالة من الصراع بين رفض الواقع، والمعاناة، وبين البحث عن طريقة للتأقلم مع الواقع الذي فرضه الاحتلال عليها، واقع مؤلم يمكن وصفه بجملة أستعيرها من عنوان لكتاب للكاتب الفلسطيني عادل سمارة (التطبيع في دمك)، تطبيع فرض نفسه على حياة الناس وتأقلموا معه، أغاني عبرية تصدح من مسجلات سيارات بعض المواطنين، أغذية غير ضرورية إسرائيلية تملأ ثلاجاتنا هناك، مواطنون لا يحلو لهم إلا التسوق في الأسواق الإسرائيلية، التنزه في المناطق اليهودية... عنصر المقاومة خف أو فتر، وهذا سببه اتفاق أوسلو وحالة الركود التي حولت الفصائل الفلسطينية المحسوبة على السلطة الفلسطينية لفصائل تقاوم بالفيسبوك، وتويتر، وتبحث عن طريقة تقدم فيها رواتب موظفيها.




 « رجوع   الزوار: 1683

تاريخ الاضافة: 04-10-2013

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
6 + 1 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركن المقابلات

رحيل أم عزيز الديراوي.. رمز قضية اللاجئين الفلسطينيين المفقودين بلبنان

"المقروطة".. تراث فلسطيني أصيل

عندما اقتلعت العاصفة خيمة طرفة دخلول في ليلة عرسها ورحلة العذاب اثناء النكبة

أم صالح.. لبنانية تقود العمل النسوي في القدس منذ 70 عاما

الفنان التشكيلي محمد نوح ياسين يرسم عذابات اللاجئ الفلسطيني بخيط ومسمار

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :286199
[يتصفح الموقع حالياً [ 102
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013