.

عرض مقابلة :معهد القدس للتمريض: كفاءات عالية في ظل تحديات صعبة

  الصفحة الرئيسية » ركن المقابلات

معهد القدس للتمريض: كفاءات عالية في ظل تحديات صعبة



تحقيق ولاء رشيد - فلسطيننا:
يشكِّل معهد القدس للتمريض في مدينة صيدا متنفَّساً تعليمياً حيوياً للطلاب الفلسطينيين الراغبين في التخصص في هذه المهنة، في ظل العراقيل المادية والقانونية التي يواجهونها للدخول إلى المعاهد اللبنانية الخاصة والرسمية، في مقابل مجانية التعليم في معهد القدس. إلا أنه ورغم الخدمات والكفاءة التعليمية التي يوفرها المعهد لطلابه إلا أنه يواجه بعض الصعوبات والتحديات التي تكف يده عن الإمعان في العطاء وتقديم كل ما يمكن للطلاب.
تأسيس المعهد ونظام الدراسة فيه
يوضح مدير معهد القدس للتمريض الأستاذ فيصل أسعد أن معهد القدس في صيدا لم يكن موجوداً في البداية، منوهاً إلى نشأة مدرسة للتمريض عام 1968، اقتصر منهجها التعليمي على دورات قصيرة لتخريج مساعدي ممرض، ثمَّ اتُخذ قرار بجعلها مدرسة متكاملة، ويضيف: "وفي عام 1973، افتُتحت مدرسة تمريض في الحازمية في بيروت قرب مستشفىً للهلال الأحمر الفلسطيني في تلك المنطقة. ولكن إثر الاجتياح الإسرائيلي دُمرت المستشفى وانتقلت فيما بعد لمجمع عكا، حيثُ بقيت مستمرة في عملها رغم الحرب الأهلية وتدمير بنيتها التحتية أكثر من مرة. وفي عام 1990 انتقلت المدرسة إلى صيدا، وسُميَّت معهد القدس. وحالياً يوجد للمعهد فرع أيضاً في البص".
ويتابع: "المعهد تابع إدارياً ومالياً لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وهناك مؤسسات متنوعة تدعم المعهد ولكن بين الحين والآخر وبحسب خطة عملها. كذلك فهناك تعاون بيننا وبين بعض المؤسسات غير الحكومية، والدول الأوروبية، وكلية تمريض متخصصة في كندا ننسق معها من خلال جمعية الماب البريطانية، إضافةً إلى الخارجية الايطالية التي أقامت دورة لتطوير الكادر التعليمي في المعهد".
وحول أنظمة المعهد ونظام الدراسة فيه يلفت الأستاذ أسعد إلى أن المعهد يستقبل الطلاب الذين حازوا شهادة البريفيه ممن تتراوح أعمارهم ما بين 17 إلى 21 عاماً على أن يكونوا غير متزوجين ليتفرغوا للدراسة كلياً. كما يؤكد أن نظام المعهد الدراسي مماثل لنظام المعاهد اللبنانية الرسمية والخاصة من حيث المواد التعليمية التي تشمل اللغة الانكليزية والعربية والرياضيات وغيرها، إضافةً إلى المواد التخصصية؛ ومن حيث مدة الدراسة وهي ثلاث سنوات، يتخرَّج بعدها الطالب ممرِّضاً مؤهلاً يحمل دبلوم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ويكون مؤهلاً علمياً وعملياً وقادراً على تحمُّل أيَّة مسؤولية أو مهمة تمريضية تُوكَل إليه، ومشدِّداً على أن الكادر التعليمي في المعهد من المؤهلين المتخصصين والخاضعين لدورات تمريض متعددة.
ويشير الأستاذ أسعد إلى أن المعهد يُقيم دورات تدريبية على مدى 9 إلى 18 شهراً يلتحق بها الطلاب الذين أنهوا دراستهم في المعهد، لافتاً إلى أن هذه الدورات تُقام بحسب حاجة المستشفيات وما يتطلبه سوق العمل، وتشمل التخدير، وتمريض العمليات، ودورات العناية المركزة، والقبالة والتوليد.
من جهة ثانية، يشير الأستاذ أسعد إلى وجود شروط معينة لقبول الطلاب معلَّقاً: "مجمل عدد الطلاب في السنوات الثلاث يكون ما بين 30 إلى 40 طالباً. وفي بداية كل عام دراسي يلتحق بالمعهد 20 طالباً، ولكن من يكون مستواه الدراسي ضعيفاً جداً يتم فصله. وكذلك فبعض الطلاب يظنون في البداية أن الدراسة سهلة، ولكنهم عندما يكتشفون جديتها ينسحبون، علماً أننا نقبل الطلاب في المعهد بعد تقديم طلباتهم وإجراء امتحانات دخول في اللغة العربية والانكليزية والعلوم إضافةً إلى مقابلة شفهية نجريها لهم. وفي نهاية كل عام دراسي يتخرَّج 20 طالباً كحد أدنى من الفرعين".
تدريب استثنائي مكثَّف
يتألَّف المعهد من غرف للتطبيق العملي، وثلاثة صفوف لكل من السنوات الأولى والثانية والثالثة، إلى جانب مكتبة تضم مراجع وكتباً يمكن للطلاب استخدامها، إضافةً إلى إمكانية لجوئهم للمكتبة الموجودة في مستشفى الهمشري والمجهَّزة بشبكة الانترنت والحواسيب.
ويحرص الكادر التعليمي على إعطاء المواد النظرية أسوة بالمعاهد اللبنانية، وإضافة ما يرونه مناسباً في حال اقتضت الحاجة. وفي هذا السياق يلفت الممرِّض المجاز الأستاذ أشرف السعدي، وهو من متخرِّجي المعهد ويعمل أستاذاً فيه منذ عام 2004، إلى أن العديد من المواد التي يدرِّسها كالفيزيولوجيا، والتشريح، وأسس التمريض، والعلوم الاجتماعية، وتمريض الطوارئ تتنوع بين ما هو نظري وما هو تطبيقي لأن الطالب يحتاج كليهما ليتمكن من فهم أصول التمريض إلى جانب تطبيقها، مشيراً إلى أن طلاب المعهد لديهم أفضلية على سواهم من طلاب المعاهد الأخرى في الشق التطبيقي، بسبب كون المعهد واقعاً إلى جانب مستشفى الهمشري ما يوفِّر لهم العديد من ساعات العمل التطبيقي في كافة الأقسام خاصةً أن تخرُّجهم من المعهد يشترط إنهاءهم لـ3400 ساعة من التطبيق العملي، في وقت لا يحظى فيه طلاب المعاهد الأخرى إلا بيوم واحد في الأسبوع أحياناً للتدريب، ويضيف: "كذلك فإن طلاب السنة الأخيرة يتم إرسالهم إلى دار العجزة الإسلامية ليكتسبوا خبرةً عن أمراض الشيخوخة والأمراض العصبية والعقلية. لهذا فطلابنا يكونون أكثر تمايزاً وكفاءةً. لذا فليس من الغريب نجاح 6 من أصل 7 من طلابنا الذين تقدَّموا لامتحانات رسمية في التمريض، وهذا دليل مصداقية التَّعليم وتأهيله. إضافةً إلى أن عدداً آخر من الطلاب تابع دراسته ونال شهادات أعلى. ونحن نبقى دائماً على تواصل معهم خاصةً أن بعض المستشفيات في الخارج تتصل بنا لتطلب أسماء الطلاب الحائزين على أعلى الدرجات في المعهد لتستقدمهم للعمل لديها. وحالياً فعدد لا بأس به من الطلاب يعمل في الدول العربية، كما أن أحد الطلاب يتابع دراسته في الولايات المتحدة الأميركية".
بدورها تنوه الممرضة المجازة الأستاذة منال حماد، التي تخرَّجت أيضاً من المعهد وتعمل فيه منذ عام 2001، إلى أهمية المواد النظرية لجهة إطلاع الطلاب على واجبات الممرِّض تجاه المريض، والموت الرحيم إضافةً إلى عدة مبادئ أخرى كالسرية بين الممرِّض والمريض، وتضيف: "التمريض كأي مهنة له أدبياته ويحتاج قدراً من الوعي. وخلال تدريسي للطلاب لمواد كعلم التوليد والأمراض النسائية، وعلم النفس، وعلم الأدوية، وأخلاقيات وسلوكيات علم التمريض وغيرها، ألاحظ أن الإناث بشكل عام أكثر انضباطاً ومواظبةً على التعلُّم".
وبالنسبة للشق التطبيقي يلفت مدير مستشفى الهمشري الدكتور رياض أبو العينين إلى أن جميع الطلاب يخضعون للتدريب في المستشفى تحت إشراف أساتذتهم، ويضيف: "عندما يصبحون في السنة الثالثة نبدأ بالاعتماد عليهم أكثر. كما أننا نختار النخبة منهم ونقترح عليهم عندما ينهون دراستهم أن يعملوا في الهمشري وإن كان بعقد داخلي، علماً أن جميع الطلاب يتخرَّجون بكفاءة عالية. وحالياً يعمل لدينا فريق من الخريجين منهم متطوعون ومنهم بعقود داخلية وخاصةً في قسم الأطفال وحديثي الولادة. وعند حاجة المستشفى لتخصُّص معين تُقام دورات بعضها في المستشفى وبعضها في المعهد، ولدى الحاجة نرسل أطباء متخصصين من المستشفى للإشراف على الدورات حسب التخصص".
وحول رأيه بمهنة التمريض وأهمية توجُّه الشباب الفلسطيني للتخصص فيها يقول الدكتور أبو العينين: "التمريض مهنة إنسانية واجتماعية تُعنى بالشأن الصحي. لذا أوجِّه نداءً للشباب بأن يتوجهوا لقطاع التمريض لأنه مجال إنساني، ولكي يقوموا بخدمة أبناء شعبهم".
تحديات على مستويات متعددة
فيما يتعلَّق بأبرز التحديات التي يواجهها المعهد يؤكد الأستاذ أسعد أنها تكمن في عدم الاعتراف بدبلوم جمعية الهلال في لبنان مما يؤثِّر على مستقبل الطلاب، مضيفاً: "كفلسطينيين يمكننا العمل في المؤسسات التابعة لجمعية الهلال الأحمر وبعض المستشفيات الخاصة، ولطلاب المعهد أولوية في ذلك، ولكن المستشفيات الحكومية ومعظم المستشفيات الخاصة لا تعترف بالدبلوم، مما يدفع الطلاب للانتساب لمعاهد خاصة إلى جانب دراستهم في المعهد. وعندما ينهون دراستهم في المعهد ويتقدمون لامتحانات لدينا، يقومون بالتقدُّم لامتحانات في تلك المعاهد ليحصلوا منها على شهادة (BT). ولكن لغاية الآن فجميع الخريجين يجدون فرص عمل في المستشفيات".
ويتابع: "من جهة أخرى فمعظم الطلاب الذين يلتحقون بالمعهد يكون مستواهم الدراسي ضعيفاً مما يضطرنا لأن نعلِّمهم الأساسيات من جديد وأحياناً لا نشعر بتعاون من قِبَل الأهل، علماً أننا من جهتنا نؤدي دورنا التربوي. كذلك فضغط الحياة المعيشية يكون عائقاً أحياناً، حيثُ أن بعض الأهالي قد يدفعون أولادهم للتغيُّب من أجل العمل ولعدم امتلاكهم أجرة نقل أبنائهم إلى المعهد".
من جهته يلفت مدير التعليم في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني د.خليل فرماوي إلى أن سبب عدم الاعتراف بدبلوم معهد القدس يعود إلى وضع الفلسطينيين في لبنان حيثُ أن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لا تملك علماً وخبراً لدى الدولة اللبنانية لذا فهي غير معتمدة من قِبَلها. ويلفت إلى أن القانون يمنع أن يكون هناك في الدولة نفسها صليب أحمر وهلال أحمر معاً، مشيراً إلى أن الهلال الأحمر الفلسطيني يوقِّع إفادات الطلاب من السفارة وأية دولة تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية تعترف بالشهادة، ويضيف: "بعض الطلاب سافروا لمتابعة دراستهم في الولايات المتحدة الأميركية. كما أن العديد من المستشفيات والجامعات تتصل لطلب علامات الطلاب والتأكُّد منها. كذلك فالدورات التي تُقام تتم تبعاً لحاجة المستشفيات، وفي حال توافر الدعم اللازم فمن الممكن أن يتوسع نطاق عمل المعهد ليشمل تخصصات أخرى، ولكن المعهد لا يزال يواجه بعض الصعوبات فيما يتعلَّق بتحديث المعدات التعليمية والتزوُّد بالحديثة منها، إضافةً إلى وجود نقص في الكادر التعليمي، حيثُ أن عدد المتفرغين غير كافٍ، مما يضطَّرنا للاستعانة بمتخصصين من الخارج بدوام جزئي".
أما الأستاذ السعدي فيشير إلى أن بعض الصعوبات التي تواجهه كأستاذ تتمثَّل في استخفاف البعض بما يقدمه المعهد لكونه مجانياً، وضعف معظم الطلاب على المستوى الدراسي وسوء توجيههم، وكون بعض الطلاب مجبرين على دخول تخصص التمريض بناءً على رغبة أهاليهم، إضافةً إلى الصعوبات المادية التي يواجهها العاملون في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في ظل رداءة الأحوال المعيشية.
طبيعتها الإنسانية دفعتهم لاختيارها
مريم دحدولي طالبة سنة أولى اختارت تخصص التمريض لأنها تحبه ولأنها ترى أن مهنة التمريض مهنة إنسانية بامتياز. ولدى مباشرتها بالدراسة وجدت المنهج مبسطاً وواضحاً مما زاد من تعلُّقها بها.
أمَّا فوزي خالد محمد فهو طالب في السنة أولى في معهد القدس حيثُ يداوم بانتظام، ولكنه كزميلته إسراء خلف انتسب لمعهد صيدون للحصول على الشهادة. وخلال دراستهما أكتشف كل من خالد وإسراء العديد من الأشياء التي كانوا يجهلونها، وهما يفضلان قسم الجراحة على سائر الأقسام لأنه يمكِّنهما من الاحتكاك بالناس والمرضى.
من جهة ثانية، فعلاء كنعان طالب سابق في معهد القدس تخرَّج منه عام 2006 وخضع لعدة دورات ونال شهادة رسمية في تخصص التمريض، والتحق بطاقم مستشفى الهمشري، حيثُ يعمل ممرِّضاً في قسم العمليات. وقد اختار كنعان العمل في الهمشري بناءً على رغبته، ولكنه يعمل أيضاً خارج إطار المستشفى. وحول أبرز المصاعب التي تواجهه في عمله، يشير كنعان إلى مشكلة نقص عدد الممرضين، معلِّقاً: "هذا يضطر البعض للعمل أكثر من دوامه، خاصةً أن الإقبال على العمل في المستشفى متدن بسبب تدني الرواتب بفعل الأزمة الاقتصادية والوضع المالي للهلال الأحمر الفلسطيني". من جهة ثانية يلفت كنعان إلى أن بعض المستشفيات الخاصة توافق على تعيين خريجي المعهد بسبب كفاءتهم، فيما ترفض مستشفيات أخرى لأنها تغالي في التدقيق في الأوراق، ولا تعترف بشهادة المعهد، دون النظر لكفاءة الشخص، منوهاً إلى أن الممرِّض الفلسطيني في لبنان لا يشعر بالتقدير ولا يسجَّل في الضمان أو يحصل على رواتب جيدة، بعكس ما يحدث في الخارج.
أمَّا محمد رياض مصطفى، فقد تخرَّج عام 2010، وبدأ عمله في مستشفى الهمشري في قسمَي الطوارئ والجراحة، والأطفال. وهو اختار مهنة التمريض عن قناعة، لأنه يؤمن أن التمريض مهنة إنسانية، مشيراً إلى أنه التحق بالهمشري كي يعمل على خدمة شعبه، ومؤكداً أنَّه لا يواجه أيَّة مشاكل على صعيد العمل لأن تعليمه في المعهد سمح له باكتساب الخبرة العملية في أكثر من مجال. ويختم مصطفى حديثه بدعوة الشباب الفلسطيني للإقبال على مهنة التمريض، معلِّقاً: "مهنة التمريض مهنة إنسانية تخدم المجتمع والناس الذين قد لا نعرفهم وقد يكونون أيضاً إخوتنا وأهلنا وأقاربنا.




 « رجوع   الزوار: 1651

تاريخ الاضافة: 02-05-2013

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
1 + 4 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركن المقابلات

رحيل أم عزيز الديراوي.. رمز قضية اللاجئين الفلسطينيين المفقودين بلبنان

"المقروطة".. تراث فلسطيني أصيل

عندما اقتلعت العاصفة خيمة طرفة دخلول في ليلة عرسها ورحلة العذاب اثناء النكبة

أم صالح.. لبنانية تقود العمل النسوي في القدس منذ 70 عاما

الفنان التشكيلي محمد نوح ياسين يرسم عذابات اللاجئ الفلسطيني بخيط ومسمار

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :287519
[يتصفح الموقع حالياً [ 47
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013