.

عرض المقال :صناعة القش .. فن فلسطيني بامتياز

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

صناعة القش .. فن فلسطيني بامتياز

http://forums.mycotopia.net/attachments/fungi-growing-edible-medicinal-magic-mushrooms/144143d1255197389-do-pumpkin-stands-sell-straw-hay-staw-bale.jpg

تتكوم حزمتان مذهبتان من قش القمح على طاولة بلاستيكية مستديرة أمام فاطمة رشيد، سرعان ما تتحول فيما بعد إلى صينية من القش تكتسي بلون ذهبي خلاب.
وتعمل رشيد في صناعة القش منذ كانت شابة يافعة، وتعلمت المهنة من والدتها المعروفة بإتقانها هذه الصنعة النسوية الآخذة في الاندثار.
وتبدأ المرأة البالغة من العمر (52 عاماً) بثني أول قشة تلتقطها بخفة يد ومهارة عالية دون النظر إلى حركة الإبهام والسبابة، ويبقى نظرها منصباً على حزمتي القش، فيما المخرز ماضٍ في تثبيت الدائرة الأولى لتشكل نواة الصينية.
وتجلس إلى جانبها امرأة أخرى تنتقي ما يصلح من القش الناعم ليكون فاتحة العمل. ودون أن تنبس بكلمة، تكفي نظرة واحدة من عين فاطمة إقراراً بجودة القشة المنتقاة.
وتبدو رشيد وكأنها تصنع شركاً تلو شرك من قش يشبه في بدايته عش العصفور، وعندما ينتهي يصبح سطحاً أملس جميلاً لا نتوءات فيه.
وهذا النوع من الصناعات التراثية هو أحد الفنون النسوية الفلسطينية المقترنة بالأرض وزراعة القمح.
وتشتهر محافظة طوباس بزراعة القمح منذ أيام الكنعانيين، وتشتهر النساء هنا بهذه الصناعة التراثية، بيد أن هذا الفن آخذ بالتلاشي خلال السنوات الماضية بسبب التحول السريع في نمط الحياة التي لم يعد تستخدم فيه الأواني القشية في الأعمال اليومية، لكن استخدامها للزينة مازال أمراً وارداً عند الكثيرين. وفي ثنايا منزل رشيد في بلدة طمون هناك الكثير من الأطباق القشية المعلقة على الحائط.
ويحاول مركز اجتماعي في هذه البلدة إعادة أمجاد هذا النوع من الصناعات التراثية في محاولة لاستلهام التراث في الفن الشعبي والحفاظ عليه.
وقالت ربحية بني عودة، مديرة المركز التي تبدو منشغلة بشغف بالمقتنيات التراثية، "عندما تمارس عملاً كهذا تحس أنك فلسطيني بامتياز".
وعقدت في المركز العديد من الدورات التي حاضرت فيها رشيد بالعديد من الفتيات، وقالت هذه المرأة أن الفتيات ذهلن من السرعة التي تعلمن فيها طريقة صنع الأواني القشية.
وقالت بني عودة إن 10 عضوات من أصل 400 يتقن صناعة القش بشكل متوارث عن الأمهات. وإذا بدأت الواحدة منهن في صنع صينية في الصباح فإنها في المساء تكون على موعد مع صينية مكتملة بلون ذهبي.
وبينما كانت رشيد تواصل ثني القش على الطاولة البلاستيكية، فيما المرأة الأخرى تهذب بعضه، تخلل الحديث عن هذه الصناعة ذكريات أيام زمان عندما كانت جميع النساء يجدن هذا النوع من الصناعة بشكل تلقائي.
أقل من ساعة بدأت دوائر القش الجيد المثني فوق حزمة رقيقة من القش الرديء تتكور بشكل حلزوني شيئاً فشيئاً.
وبدت الصينية التي تسعى رشيد لإكمالها تأخذ شكلاً أكثر جاذبية ووضوحاً. وتزداد الدوائر سمكاً كلما اتسع قطر الصينية الذي لا يتجاوز متراً للصينية الكبيرة.
وعملية الصنع بسيطة لا تعقيد فيها، ولا تكلف النساء شراء شيء، فالمرأة الصانعة بحاجة علاوة على الخبرة وخفة اليد لقش مهذب ومخرز.
وقالت رشيد: إن القش يحضر في موسم الحصاد حيث تذهب النسوة إلى حقول القمح بعد حصاده مباشرة، ويبدأن بالتقشيش (جمع القش).
وفي مرحلة لاحقة قبيل البدء في عملية الصناعة، ينقع القش في الماء لمدة ساعتين ومن ثم يلف بقطعة من الخيش تحفظ رطوبته.
وقالت رشيد: إن نقع القش بالماء يساعد في ثنيه وعدم تكسره أثناء العمل.
وتشكل الأواني القشية التي تصنعها رشيد وغيرها من النسوة في المنطقة بسطوح مختلفة الحجم والزخرفة، وبعضها يبدو مطعماً بخيوط بلاستيكية ذات ألوان زاهية تعطيه رونقاً خاصاً.
في المركز النسوي هناك العديد من الأواني القشية التي يمكن استعمالها منزلياً لكنها تعاني من عدم وجود مشترين لها.
وقالت بني عودة: إن المركز يعاني من عملية البيع للأفراد الذين لا يقدرون أهمية التراث.
لكنه شارك في كثير من المعارض المحلية عرض فيها الأواني القشية التي لاقت استحساناً من الجمهور.
تتمنى هذه المرأة المولعة بالتراث أن تفتح آفاقاً تسويقية في دول عربية وأجنبية، إلى جانب محافظتها على الصناعات التراثية من الاندثار، فغالباً ما تلقى الصناعات التراثية رواجاً في الأسواق الخارجية.
وفي منزل نعيمة رفيق بشارات صانعة الأواني القشية الماهرة، تتراكم صينيات القش منذ زمن لأنها لا تعرف كيف تسوقها.
قالت بشارات أنها لم تشارك في أي معرض تراثي البتة,وهذا ما جعلها تتوقف عن العمل إلا للحاجة البيتية.
في منزل بشارات طابون، ولذلك تستخدم العائلة هذه الأواني في عملية الخبز. مرت ساعتان على رشيد في صنع صنيتها، وكانت أكملت حينها ربع العملية.
 « رجوع   الزوار: 4056

تاريخ الاضافة: 14-01-2011

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
3 + 2 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :286241
[يتصفح الموقع حالياً [ 130
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013